اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
السراج الوهاج للمعتمر والحاج
48779 مشاهدة
ليلة مزدلفة (ليلة العاشر من ذي الحجة ليلة العيد)

وبعد غروب الشمس في اليوم التاسع من ذي الحجة ، وهو يوم عرفة والتحقق من ذلك، على الحجاج الانصراف قبل صلاة المغرب ، متوجهين إلى مزدلفة ويسن أن يسيروا بتؤدة، ويتجنبوا العجلة والمضايقات، والمزاحمات التي قد تؤدي إلى الضرر بالغير، فربما أن من تسد عليه الطريق ظلما يدعو عليك، فتردّ أعمالك.
فيسن أن يكون السائر إلى مزدلفة سائرا بتؤدة ؛ سواء على الأرجل ، أو على الدواب، أو على السيارات، وثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في سيره: يا أيها الناس، السكينة السكينة وكان يسير العَتَقْ، يعني: أنه قد جر خطام ناقته حتى التوى عنقها، فإذا وجد فجوة ومتسعا نصَّ فأسرعت، وإذا أتت كثيبا من الرمال نصَّ حتى تصعده… وهكذا.
أما الآن فإنه لا شك أن الطرق قد سُهلت ، والكل يسير على هذه السيارات ، لكن يحدث مزاحمات من كثير من قائدي السيارات فيضرون غيرهم، ويصطدمون بالآخرين، ويسببون حوادث وأضرارا بالغير.
فالأولى أن يسير كل على جهته ، دون أن يحصل منهم زحام أو مضايقات.
فإذا وصلوا إلى مزدلفة فإن المبيت بها واجب من الواجبات، وقد فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- وفعله أصحابه، فإنهم لما وصلوا إلى مزدلفة وكانوا قد وصلوها بعد ساعتين من الليل، أي: قطعوا الطريق في نحو ساعتين، أو ساعتين ونصف، فلما وصلوها بدؤوا بصلاة المغرب والعشاء جمع تأخير فالذي يصل إلى مزدلفة يقيم الصلاة؛ سواء وصلها مبكرا، أو متأخرا، بدأ بصلاة المغرب والعشاء فور وصوله قبل أن يحط رحاله.
هكذا فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وذلك لاهتمامه بهذه الصلاة، وإنما أخرها حتى يواصل سيره، وحتى يريح الدواب التي قد طال وقوفهم عليها، فمن وصلها بعد غروب الشمس بعدة دقائق فله أن يصلي ساعة وصوله، والذي يصلها بعد غروب الشمس بأربع ساعات، أو خمس، كما يحدث لبعض الذين يتأخرون من شدة الزحام، يصلي أيضا ساعة وصوله، أما الذي يخشى فواتها بأن ينحبس إلى ثلثي أو ثلاثة أرباع الليل فله أن يصلي في الطريق؛ سيما إذا لم يتيسر له مواصلة السير، فإن الكثير قد يقفون ساعة، أو ساعتين في مكان واحد لا يتحركون من شدة الزحام، فلهم أن يُصلّوها في الطريق مخافة فواتها.
فإذا صلّوا فإنهم يبيتون فيها إلى الصباح، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لمّا وصلها، وكان متعبا، صلى المغرب والعشاء، ثم نام فيها حتى قام في آخر الليل وصلى الفجر في ذلك اليوم مبكرا، واشتغل بالدعاء والذكر، حتى أسفر الصباح، قال تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (سورة البقرة ، الآية:198) والمشعر الحرام هو: مزدلفة وتسمى جمعا لأنهم يجتمعون فيها تلك الليلة وهي داخل الحرم .
وقبل أن تطلع الشمس توجه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى منى وذلك لرمي جمرة العقبة .
ورخص للضعفة أن يتوجهوا آخر الليل، ولم يرخص لغيرهم، وأمر الذين ساروا قبل أن تطلع الشمس ألا يرموا الجمرة إلا بعد طلوع الشمس إلا للمعذورين من الضعفة والظعن وغيرهم، فقد أذن لهم أن يرموا آخر الليل، والوقت الذي رخص لهم فيه هو إذا غاب القمر ليلة العاشر، و ذلك حين يبقى من الليل ربعه، أو أقل من ثلثه.